تعتبر افريقيا من بين القارات التي تمتلك زخما كبيرا من المواهب في كرة القدم ومهدا للعديد من النجوم الذين كتبوا أسماءهم بأحرف من ذهب في كبرى الدوريات العالمية على غرار كل من صامويل إيتو الكاميروني، ديديه دروغبا الإيفواري، رياض محرز الجزائري، أوباميونغ الغابوني وغيرهم من النجوم الذين رسموا أحسن صورة للقارة السمراء في أقوى دوريات العالم.
صورة القارة السمراء التي لمعها العديد من النجوم لطخها الإتحاد الإفريقي لكرة القدم بتجاوزاته التي أصبح يطلق عليها مصطلح “مهازل” في كل العالم، فالكاف أصبحت تتخذ قرارات عشوائية لا تخدم مصالح الكرة الإفريقية بصفة عامة وانما تخدم طرفا واحدا “اختطف” الكاف باستعمال المال الفاسد وأصبح يتحكم بأعضائها خدمة لمصالحه الشخصية التي تخرج كرة القدم عن نطاقها الأساسي الذي يهدف الى نشر الوعي الرياضي والروح الرياضية وتقريب الشعوب من بعضها البعض وتجرها نحو مستنقع الفتنة وخلق البلبلة التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
الكرة في افريقيا تستحق نوعا من الاهتمام والعناية من أجل أن تتطور وتصبح ندا للكرة الأوربية خاصة وأن المادة الخام وهي المواهب الشابة متواجدة بكثرة وتنتظر يد العون فقط، لكن الإتحاد الإفريقي لكرة القدم يمشي عكس التيار والفساد الذي نسج خيوطه داخل دهاليسه أصبح بمثابة غشاوة في عينيه تمنعه من رؤية الحق حتى ان كان واضحا وضوح الشمس والقمر فإلى متى ستبقى ال “كاف” تجر الكرة الإفريقية الى هاوية الطريق؟
الإتحادية الجزائرية لكرة القدم قررت الانتفاضة
وكانت مباراة نصف نهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم التي كانت مقررة بين اتحاد الجزائر ونهضة بركان المغربي والتي لم تلعب بسبب ارتداء الفريق الضيف ملابس تحمل شعارات سياسية وخريطة لا وجود لها وغير معترف بها من طرف الهيئات الأممية، كانت بمثابة القطرة التي أفاضت كأس صبر الإتحاد الجزائري لكرة القدم على “الكاف” الذي ظلم اتحاد الجزائر بشهادة العديد من المحامين المتخصصين في الشأن الرياضي والذين أكدوا أن القوانين واضحة في هذا الشأن حيث أنه يمنع منعا باتا الدخول بقميص يحمل شعارات سياسية أو دينية.
والأمر المحير في قضية اتحاد الجزائر ونهضة بركان هو أن الإتحاد الإفريقي لكرة القدم اعتمد رسميا أقمصة نهضة بركان رغم أنها تحمل خريطة “غير معترف بها”، الأمر الذي أخرج المباراة عن نطاقها الرياضي وأفسد متعة الجماهير.
الفاف دقت ناقوس الخطر وقررت التوجه للمحكمة الدولية للتحكيم الرياضي “التاس” ليس فقط من أجل اتحاد الجزائر الذي ظلم في رحلة الدفاع عن لقبه وترفع عن مواجهة النادي المغربي بتلك الأقمصة، لكن من أجل احقاق الحق وابطال الباطل وفضح تجاوزات الإتحاد الإفريقي التي تتجه بالكرة الإفريقية نحو هاوية الطريق.
وبعد جلسة عمل بين وليد صادي والأمين العام لـ “الفاف” نذير بوزناد بمحامي ثلاثة مكتب محاماة من باريس وإيطاليا وسويسرا، تم الارتكاز في الشكوى المودعة على مستوى “التاس”، بعد لقاء مع رئيسة المحكمة، على الجانب الرياضي والبُعد السياسي، حيث تم إرفاق الشكوى بعدة مواد قانونية، لـ”الكاف” و”الفيفا” وقانون بورد الدولي المشرع لقوانين كرة القدم، وتحديد المواد القانونية التي تؤكد قطعا منع ارتداء الأندية لقمص تحمل شعارات سياسية
الأمور خرجت عم نطاقها الرياضي ووجب وضع حد لمثل هذه التجاوزات
لا شك أن كرة القدم هي شعار لصنع صور جميلة بين الأنصار وأساس التعارف والتقارب بين الشعوب، لكن في حال ادخال السياسة في عالم الرياضة فإن الأمور ستختلط وسيؤدي ذلك الى أمور لا يحمد عقباها، وهو ما يسعى اليه “مختطف” الإتحاد الإفريقي لكرة القدم الذي تجاوز كل الخطوط الحمراء وأصبحت قراراته تعتدي على السيادة الوطنية لبلدان رائدة في القارة السمراء، ولذلك قد حان الوقت من أجل وضع النقاط على الحروف ووضع كل شخص في محله الطبيعي كون العالم تسوده قوانين وجب احترامها، فعلى محكمة التحكيم الرياضي الذهاب في قراراتها الى أبعد من إعادة مباراة اتحاد الجزائر ونهضة بركان وانما العمل على تنظيف الإتحاد الإفريقي لكرة القدم من الفساد والرشاوي مثل ما حدث سابقا مع الإتحاد الدولي لكرة القدم.
العديد من الأندية والمنتخبات في القارة السمراء عانت وتعاني من قرارات الإتحاد الإفريقي لكرة القدم التي لا تخدم الرياضة في القارة السمراء وانما تدخلها في نفق مظلم قد يصعب إخراجها منه في المستقبل.
العديد من الاتحاديات في افريقيا هي غير راضية تماما عن هيأة “موتسيبي” ومن المرجح أن يكون العامل الوحيد الذي تسبب في عدم توجهها الى محكمة التحكيم الرياضي الدولية نقص الإمكانات المادية فقط.
الى متى ستبقى قرارات “الكاف” تستند الى أشخاص لا الى قوانين؟
يعيش الإتحاد الإفريقي لكرة القدم واحدة من أسوء الحقب التي مر عليها منذ تأسيسه، خاصة وأن شراء الذمم فيه أصبح أسهل من الفوز في مباراة لكرة القدم، صحيح أن مثل هذه الأمور متواجدة في دهاليس “الكاف” منذ تأسيسه لكنها لم تكن واضحة للعيان بهذا الشكل المحزن والمخجل في الوقت ذاته.
الكاف تعتبر أعلى هيئة كروية في القارة السمراء ولا أحد يشكك في قدرة أعضائها على اتخاذ القرارات الصحيحة واتباع قوانين الإتحاد الدولي لكرة القدم، لكن ومع “اختطاف” هذه الهيئة الكروية التي لها وزنها في العالم ككل من طرف شخص لا يملك أي صلة قرابة بالمبادئ السامية للرياضة في العالم أصبح من الضروري تطهير هذا الفساد الذي أصبح ينهش عظام اعلى هيئة كروية في القارة السمراء.
فالجزائر وفي الماضي القريب حرم نجمها رياض محرز من جائزة أحسن لاعب افريقي رغم تتويجه بكل البطولات وتقديمه موسما استثنائيا، كما حرم اتحاد الجزائر كذلك من جائزة أحسن نادي افريقي رغم تتويجه ببطولتي كأس الكونفدرالية وكأس السوبر الإفريقي، كل ذلك كان استنادا لقرارات شخص واحد يسعى لعرقلة نجاح كل ما هو جزائري.
الجميع مطالب بدق ناقوس الخطر من أجل ترميم ما تبقى من سمعة الكاف
وكما تم ذكره سالفا، فإن قضية اتحاد الجزائر أمام نهضة بركان المغربي لم تكن سوى قطرة في بحر مهازل الإتحاد الإفريقي لكرة القدم الذي يستوجب تطهيرا معمقا من أجل ترميم ما تبقى من سمعته وكلمته التي أصبحت غير مسموعة وغبر موثوق بها، وعندما يتعلق الأمر بإصلاح أعلى هيئة كروية في القارة السمراء فالكل مطالب بالضغط سواء لاعبين قدامى كانوا أو جدد، اعلاميين، خبراء أو حتى محامين مختصين في الشأن الرياضي، الكل مطالب بقول الحقيقة والتخلص من الفساد الذي عشش داخل بيت الإتحاد الإفريقي لكرة القدم وأصبح لا يخدم أحد سوى من يجيد اللعب داخل الكواليس ويجيد سلك الطرق الملتوية التي لا تمت بأي صلة لكرة القدم.
فالمسؤولية الآن أصبحت مسؤولية الجميع، مسؤولية جميع من يرفض سلك الطرق الملتوية من أجل أخذ حقه، لذلك وجب على كل واحد الضغط وإيصال الرسالة الى أعلى الهيئات الكروية من أجل اتخاذ الإجراءات المناسبة ووضع كل شخص في مكانه الطبيعي من أجل النهوض بالكرة الإفريقية التي تمتلك كل المقومات من أجل منافسة الكرة الأوربية في المستقبل.
بلال عمام
تعليقات حول هذا المقال